العمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة منتدى بريكة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا العمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي 829894
ادارة منتدى بريـكة العمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي 103798

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

العمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة منتدى بريكة
سنتشرف بتسجيلك
شكرا العمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي 829894
ادارة منتدى بريـكة العمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي 103798

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مرحبا بكم بمنتدى أحباب بريكة ، نعلم كافة زوارنا وأعضائنا بأن المسجلين الجدد والذين لم يصلهم رابط تأكيد التسجيل على ايميلاتهم بأننا سننشط عضوياتهم يوميا ، نرجو أن تقضوا أوقات مفيدة وممتعة بمنتدى مدينتكم بــريــكـــة

2 مشترك

    العمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي

    رضوان البريكي
    رضوان البريكي
    عضو مبدع
     عضو   مبدع


    ذكر
    نقاط اتميز : 177149
    عدد المشاركات : 406
    تاريخ التسجيل : 22/07/2009

    لعب الادوار
    هووكس:

    العمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي Empty العمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي

    مُساهمة من طرف رضوان البريكي الأربعاء 11 نوفمبر 2009, 14:21

    بسم الله الرحمن الرحيم



    العمل لليوم الآخر


    للشيخ إبراهيم الرحيلي حفظه الله

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات
    أعمالنا، من يهده
    الله فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألاَّ إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أنَّ نبينا محمد عبده ورسوله اللهم صلِ وسلم وبارك وأنعم على عبدك ورسولك محمد وعلى من اهتدى بهديه واستن بسنته على يوم الدين.
    أمَّا بعد، فأرحِّب بالإخوة في هذا البلد الطيب المبارك وفي هذه الأيام الفاضلة الشَّريفة، واسأل الله -عزَّ وجلَّ- أن يتقبَّل منَّاومنكم وأن يكتب لنا ولكم أعظم الأجر والمثوبة في هذه الليالي الفاضلة المباركة. ثم إن كان من كلمة ونصيحة أشارك من سبقني من المشايخ فيها هو وصيتي لنفسي أولاً ولكم بتقوى الله-عزَّ وجلَّ- وأن نتقي الله-عز وجل- ونقدِّم من الأعمال ما هو سبب لحصول النَّجاة،فإن العبد مطالب بتحقيق النَّجاة لنفسه قبل النَّظر في غيره وقبل الاشتغال بأمور أخرى،والله-عزَّ وجلَّ- خلق الخلق كله من الإنس والجنِّ وسائر المخلوقات خلقها لحكمة يعلمها، ولم يخلقهم عبثا، وقد بيَّن لنا الحكمة من خلق الإنس والجنِّ فقال:﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[الذاريات:56] إذاً الحكمة من خلق الإنس والجن هي تحقيق عبادة الله-عزَّ وجل-فمن حقَّق هذا الهدف وحقَّق عبادة الله-عز وجل- بشروطها المعروفة الشَّرعية، فقد حقَّق الحكمة والهدف من خلقه، ومن خرج عن ذلك فإنه معرَّض للعقوبة والوعيد
    ثم إن الله-عزَّوجل- تعبَّدنا بكثير من العبادات، وهي تنقسم بالنَّظر إلى فرضيتها من عدمها إلى: فرائض ونوافل، وبيَّن الله-عزَّ وجل-في الحديث القدسي الذي يرويه النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن ربه، وقد خرَّجه البخاري(ما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه))ثم قال(ولايزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصرهالذي يبصر به، ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها)) ...ألخ، فبيَّن الله-عزَّ وجل-أنَّ العبد لا يتقرَّب إليه بمثل أداء ما افترض عليه من الواجبات، ونحن-أيها الإخوة- في المنهج(منهج أهل السنة والجماعة) نسير على منهج واضح وجلي، ويكثر الاختلاف والتَّفرق اليوم بين النَّاس في هذا المنهج، ويتخبطون فيه تخبطاً عظيماً، وأنتم تسمعون وترون كل يوم يخرج مخالفون عن هذا المنهج، وكلٌ يدعوا لما عنده أو ما يظن أنه من دين الله-عزَّ وجلَّ-والخطأ يحصل عند النَّاس بسببين: إما للهوى أو بالجهل، فالهوى ناتج عن مرض في النُّفوس وضعف في اليقين، والجهل ضعف في العلم والبصيرة، ولذا من حقَّق العلم الصَّحيح الشَّرعي وكان عنده من المراقبة وتقوى الله-عزَّ وجلَّ- فإنه لا يبتدع ولا يمكن أن يخرج عن المنهج المقصود أن تخبُّط النَّاس في هذا الأمر يرجع إلا أسباب منها الجهل بدين الله-عزَّوجلَّ-فإن الجهل سببه الابتداع والخروج، وكثيراً ما يُخذل النَّاس بالانحراف-والعياذبالله- عن دين الله بعد الاستقامة عليه بسبب أيضا الانحراف عن المنهج في العلم أوالعمل، ومن أسَّس بنيانه على أساس صحيح من دين الله-عزَّ وجلَّ- فإنه -بإذن الله- معصوم؛ فإنالله عز وجل قال في الحديث القدسي(ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به)) وهذه هي العصمة من الله -عزَّوجلَّ- العصمة ثمرة لعمل
    أولاً: التَّقرب إلى الله عز وجل بالفرائض، ثم التَّدرج في النَّوافل والفرائض، منها ما يتعلَّق بالأعمال البدنية ومنها ما يتعلَّق بالأعمال القلبية ومنها مايتعلَّق بالعلم
    حقيقاً من يتأمل حال الأمة اليوم، حال كثير من الشباب يجد انحراف كبيرجداً في المنهج، فإن كثير من الناس اليوم ينشغلون بالنَّوافل عن الواجبات، سواء في باب العمل أو باب العلم، ونحن نرى اليوم الشَّباب، ما يكاد يلتزم الشَّاب حتى يبدأ أول مايبدأ به بالقراءة في كتب المبتدعة وكيف يردُّ عليهم، ويقتني هذه الكتب ويشتغل بها، وهذا أمر مقرَّر عند أهل العلم أن الرَّدَّ على المبتدعة ومجاهدتهم-وهو أصل عظيم في باب الاعتقاد-مطلوب، لكنه من فروض الكفايات التي لا يقوم بها إلا العلماء، بل ليس كل العلماء، وإنما العلماء المتمكِّنين في هذا الباب، الذين يستطيعون الرَّدَّ، أما غيرهم من الأمة فليس من المنهج وليس من دين الله أن تشتغل بتناقل أخبار المبتدعة وكتبهم ومناظراتهم، وما الذي حصل منهم، كما يشتغل به كثير من الشَّباب اليوم، خصوصاً في هذه الليالي والأيام الفاضلة، لا يكاد يكون حديث الشَّباب إلا عن هذه الأمور، نحن لا نقلل من هذا الأمر لكن ينبغي أن نسير على منهج واضح، هذا باب عظيم ولا ينكره أحد-وينبغي أن ينزَّل الكلام على مقصود المتكلم وما يريد، لا نأخذ طرف من الكلام- الرد على المبتدعة أصل عظيم مقرَّر، لكنه من باب فروض الكافيات، وهذا لا ينكره أحد من طلاب العلم،وليس على الأمة أن تشتغل بالرد على المبتدعة كلها، بل لا يشتغل بهذا الأمر إلاالقادر عليه.
    إذاً هذا مثال حقيقة للانصراف عن المنهج في باب العلم، فالمسلم مطالب بتحقيق النَّجاة أولاً لنفسه، هو مطالب بتحقيق النَّجاة لنفسه أولاً علماً وعملاً، فهومطالب بأن يتعلم العلم الذي تتحقَّق به الواجبات، فإذا عرفه: عرف أحكام الطَّهارة وعرفأحكام الصَّلاة وعرف أحكام الصَّوم وعرف أحكام الزَّكاة، وحقَّق هذه الأركان علماً ثم عملاً،فهو على خير، ثم بعد ذلك يتدرج في النَّوافل، ولا يكون انشغالنا بأي أمر: لا بجهاد ولابالرد على المبتدعة ولا بأمر، لا يكون انشغالنا بشيء عن هذا العمل الواجب الذي افترضه الله -عزَّ وجلَّ- علينا، فقد كان السَّلف يذمُّون من يشتغل بالنوافل، وينصرف-أو يصرف بها كل وقته-عن الفرائض، وهذا يدل عليه الحديث القدسي (ما تقرَّب إليَّ عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه))وقد كان بعض السَّلف يذمون من كان يقوم اللَّيل كله لله-عزَّ وجل-وينام عن صلاة الفجر؛ لأنَّه أتى بعمل فاضل ممدوح عليه وهو قيام اللَّيل وما فيه من الخير والفضل، لكنه مذموم إذا ترتَّب على قيامه بهذا العمل الذي هو من قبيل النَّوافل وفرَّط في واجب من الواجبات

    فالمقصود -أيها الإخوة- أن يراقب الإنسان نفسه وأن يقف مع نفسه وقفة صدق،
    فو الله لا ينجينا أن نكون نحن من أهل السُّنة ولاينجِّينا أن نقول نحن سلفيين، ولا ينجينا أن يقال فلان مجاهد، فلان يشتغل بالرَّد على أهل البدع، فلان فيه وفيه، والله لا ينجي الإنسان إلا الصِّدق مع الله-عزَّ وجل- نصدق مع الله-عزَّ وجل- نحقِّق عبادة الله-عزَّ وجل- فإذا حقَّقنا عبادة الله-عزَّ وجل- وأصلحنا أنفسنا وبقي عندنا من الوقت، وبقي عندنا من وفور الوقت ما نتعلم به ونشتغل للقادرين في الرَّد على المخالفين أو غيرهم من أعمال البرِّ الأخرى فنعم، أما أن نشتغل بهذه الأمور عن الواجبات فهذا ليس من دين الله-عزَّ وجل-، ولهذا نرى ما أكثر- والعياذ بالله-ما ينتكس كثير من الشَّباب بعد أن كان مستقيمًا على الطَّاعة، وسبب الانتكاس-لا شك- أنه أمر مقدَّر منالله-عزَّ وجل- لكن الإنسان ما يُبتلى إلا بنفسه، فدين الله-عزَّ وجل-من سار فيه برفق ولين فإن النَّبيَّ-صلَّى الله عليه وسلَّم- أمر بالقصد في العبادة، وأخبر كما في الحديث أنه لن يدخل الجنة أحد بعمله، يقول الرَّسول-صلَّى الله عليه وسلَّم-(لن يدخل الجنة أحد بعمله ولكن قاربوا وسدد واغدوا وروحوا وشيء من الدلجة)) وقد ألَّف الإمام المحقِّق ابن رجب رسالة عظيمة في شرح هذا الحديث وسماها (المحجة في سير الدلجة) بيَّن فيها المنهج في العبادة والتَّقرب إلى الله-عزَّ وجل- وذكر أن أصحاب النَّبيِّ-صلَّى الله عليه وسلَّم- ما نالوا ما نالوا من الخير إلا بتحقيقهم لهذا المنهج العظيم، وقال: ليس من منهج أصحاب النَّبيِّ-صلَّى الله عليه وسلَّم-أنهم كانوا يكثرون من الأعمال البدنية، وإنما نالوا ما نالوا من الخير بسلامة صدورهم للمسلمين وبإخلاصهم لله-عزَّ وجلَّ
    رضوان البريكي
    رضوان البريكي
    عضو مبدع
     عضو   مبدع


    ذكر
    نقاط اتميز : 177149
    عدد المشاركات : 406
    تاريخ التسجيل : 22/07/2009

    لعب الادوار
    هووكس:

    العمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي Empty رد: العمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي

    مُساهمة من طرف رضوان البريكي الأربعاء 11 نوفمبر 2009, 14:22

    وحقيقة هذا الباب عظيم (يعني باب العبادات وما يتفرَّع منه) والفقه في دين الله-عزَّ وجل- والسَّير إلى الله-عزَّ وجل- على خطى ثابتة من دين الله-عزَّ وجل- هذا باب عظيم، ولذا أخبر النَّبيُّ-صلَّى الله عليه وسلَّم- كما فيحديث معاويةالعمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي Icon_sad(من يرد الله به خيراً يفقِّهه في الدين))الفقه في دين الله-عزَّ وجل- باب عظيم من أبواب الخير، فإذا تفقَّه العبد في دين الله-عزَّ وجل-فإنه يسير على خطى صحيحة وثابتة، ويحصل له وعد الله-عزَّ وجل-((لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)) فإذا أحبه الله-عزَّ وجل-عصمه، وأصبح لا يكاد يتكلَّم أو يمشي في أمر إلا برضا الله-عزَّ وجل-وهذا كان هدي سلف الأمة، نالوا ما نالوا من الخير بالاستقامة على دين الله-عزَّ وجل-وتخبُّط النَّاس اليوم بسبب انصرافهم عن هذا المنهج العظيم وهو تقديم الواجبات في العلم والعمل، ثم التَّقرب إلى الله-عزَّ وجل- بالنَّوافل، ثم حتى النَّوافل ليست على درجة واحدة ،فهناك تفاوتٌ بينها، والنَّوافل تتفاوت تفاوت عظيماً بحسب الأشخاص وما يحسنون، فهناك من النَّاس من يكون مهيأً للجهاد، فيكون أفضل الأعمال في حقه الجهاد، ومن النَّاس من يكون مهيأً للعلم، فيكون أفضل الأعمال في حقه العلم، ثم إن الإنسان نفسه تمر به أحوال: فقد يحسن يومًا من الأيام عملاً لا يحسنه في يوم آخر، وقد يحسن في ساعة من الأعمال مالا يحسنه في الساعة الأخرى؛ ولذا ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية عندما سئل: أيها أفضل: القراءة أم الصلاة أم الذكر، أم الدعاء؟فبيَّن أنَّ المفاضلة بالنَّظر إلى أصل هذه الأعمال أن الصَّلاة أفضل، ثم قراءة القرآن، ثم الذِّكر، ثم الدُّعاء، ثم قال بعد ذلك: لكنَّ العبد يأتي من هذه الأعمال ما يحسن، فإذا كان يتقن ووجد عنده حضور وانشراح للقراءة، وأدَّى قراءة القرآن بخشوع وتدبُّر، في حين عجزه في تلك السَّاعة عن تحقيق الصَّلاة كاملة والخشوع فيها، فقد تكون القراءة في حقه أفضل، وهكذا، النَّاس يتفاوتون في الأعمال، والشَّخص نفسه تتفاوت أوقاته فيما يحسن من الأعمال، وهذا باب عظيم أيضاً كان سلف الأمة يسيرون فيه على خطى ثابتة بما أعطاهم الله-عزَّ وجل-من الفقه والتَّفقه في دين الله- عزَّ وجل-.
    و حقيقة لا أريد التَّفريع في هذه المسائل لكن ينبغي أن يعلم أنَّ العبد في هذه الحياة له تعامل مع الخالق ومع المخلوقين، لا يتعامل إلا مع هذين الصَّنفين: خالق ومخلوق، ومن حقَّق ما أراده الله -عزَّ وجل- منه في هذا الباب فقد حقَّق النَّجاة لنفسه، فتعامله مع الله -عزَّ وجل- أن يحقِّق العبادة لله -عزَّ وجل- وحده لا شريك له مخلصاً العبادة لله -عزَّ وجل- يعبد الله عز وجل بإخلاص، ثم هذه العبادة تكون على وفق ما شرع النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- لا يتعبد الله-عزَّ وجل- بالبدع وإنما يعبد الله -عزَّ وجل- بما شرع نبيُّه -صلَّى الله عليه وسلَّم- الذي أرسله الله لهذا القصد وهو التَّشريع لعباد الله -عزَّ وجل-؛ ولذا قال الله -عزَّ وجل-: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِرَبِّهِ أَحَدًا[الكهف:110] عمل صالح موافق للسُّنة ﴿وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا مخلصاً لله -عزَّ وجل- ولذا قال الله -عزَّ وجلَّ-: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا[هود:7] قال الفضيل بن عياض -رحمه الله- عندما سئل: ما أفضل العمل؟ قال:" أخلصه وأصوبه" فإذا حقَّق العبد عبادة الله -عزَّ وجل- مخلصاً لله -عزَّ وجل- متَّبعاً لنبيه -صلَّى الله عليه وسلَّم- فيما شرع فقد حقَّق ما أراد الله -عزَّ وجل- منه.
    والإخلاص معروف لدى الجميع وهو أن يأتي بالعمل لا يريد به إلا وجه الله -عزَّ وجل-، وقد كان سلف الأمة يقفون عند كل عمل يقومون به ويستحضرون فيه الإخلاص، فما أحوجنا والله نحن اليوم في هذه العصوركثرة الشَّهوات وكثرة الفتن وضَعْفُنَا في العلم والعمل وقصورنا أن نستحضر النِّية، والإنسان أكثر ما يخذل يخذل من هذا الباب -والعياذ بالله- من عدم الإخلاص لله -عزَّ وجل- فينبغي للعبد أن يقف عند كل عمل.
    والمخلص المجتهد في تحقيق عبادة الله -عزَّ وجل- مثاب إن شاء الله ويغفر الله -عزَّ وجل- له الخطأ، وأمَّا إن لم يوجد الإخلاص فإن صاحب العمل معاقب -والعياذ بالله-، وليتصور أحدنا في عمل من الأعمال يؤديه لله -عزَّ وجل- مخلصاً ما يرتفع به عند الله -عزَّ وجل- من الدَّرجات وما يحصل -والعياذ بالله- ممن يؤدون هذا العمل نفسه كيف ينحطُّبهم -والعياذ بالله- بهم في دركات الجحيم؛ لأنَّ الذي يأتي بالأعمال يظهر للنَّاس أنَّها لله-عزَّ وجل- فهذا باب عظيم من أبواب النِّفاق، والمنافقون في الدَّركات السُّفلى من النَّار،ويستحضر العبد أيضاً أنه لو قيل له في لحظة من اللحظات التي قد يضعف الإخلاص فينفسه وقد يدخل عليه الرِّياء أنه لو خُيِّر بينا الزِّنا وشرب الخمر، وبين هذا الأمر ما الذي سيختار؟ فإنه بإجماع أهل العلم أنَّ الرَّجل لو زنا أهون عليه في العقوبة عند الله-عزَّ وجل- من الشِّرك الأصغر؛ لأنَّ الشِّرك الأصغر من باب الشِّرك وهذه الكبائر من جنس المعاصي، وجنس الشِّرك أعظم من الكبائر، حتى الشِّرك الأصغر، وهناك اختلاف كبير بين أهل العلم: هل الشِّرك الأصغر يخلد صاحبه في النار أم لا؟ فالمقصود أنَّ الشِّرك وإن كان صغيراً أعظم من الكبائر، ونحن نتورع، كثير منَّا -والحمد لله- يتورع عن صغائر الذُّنوب، لكن الشيطان يجرُّه إلى الشِّرك وما هو أعظم من كبائر الذُّنوب.
    رضوان البريكي
    رضوان البريكي
    عضو مبدع
     عضو   مبدع


    ذكر
    نقاط اتميز : 177149
    عدد المشاركات : 406
    تاريخ التسجيل : 22/07/2009

    لعب الادوار
    هووكس:

    العمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي Empty رد: العمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي

    مُساهمة من طرف رضوان البريكي الأربعاء 11 نوفمبر 2009, 14:23

    فينبغي لنا -أيها الإخوة- أن نقف وقفة صدق والله مع أنفسنا ونتضرع لله -عزَّ وجل- فإنَّه لن يوفق للإخلاص إلا من أنطرح بين يدي الله-عزَّ وجل- وسأل الله -عزَّ وجل- الثَّبات والإخلاص، ثم بعد ذلك نتفقه في دين الله -عزَّ وجل- لانعبد الله بالبدع وبالتَّقليد، وإنما نعبد الله بفقه، ننظر ما هي أحب الأعمال، أصحاب النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يأتون للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: دلَّني على عمل ينجيني الله به من النَّار، دلَّني على عمل يدخلني الجنَّة، يا رسول الله ما أفضل الأعمال؟ دلني على عمل ينجيني من النار، أسئلة تلقى على النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يقول حذيفة:" كان الناس يسألون رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الخير، وكنت أسأله عن الشَّر مخافة أن أقع فيه" فقه في دين الله-عزَّ وجلَّ-، عرفوا الخير وأبوابه، ثم تفقهوا في الشَّر ليتجنبوه.
    فنحنأحوج ما يكون للفقه في دين الله -عزَّ وجلَّ-.
    الشَّيطان استهوى كثير من النَّاس حقيقة في هذا الباب وانصرف بهم عن الفقه في دين الله -عزَّ وجل- بكثير من الأمور، لا يُطالَبون بها، نحن لا ننكر الدَّعوة إلى الله -عزَّ وجل- لا شكَّ أنَّ العبد مطالب أن يدعو إلى الله -عزَّ وجل-،مطالب أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، لكن قبل هذا يحقِّق النَّجاة لنفسه، كيف يدعو وكيف يأمر بالمعروف وكيف يردُّ على مخالف إن لم يعلم هو؟! وإذا علم ولم يعمل كيف يدعو للعلم وهو لا يعمل به؟! أبداً، الدَّعوة ملازمة تماماً للعمل وطاعة الله -عزَّ وجل-،ولهذا أئمة أهل السُّنة الذين يردون على أهل البدع والذين اشتغلوا بالدَّعوة ونالوا مانالوا من الفضل هم أئمة العُبَّاد والزُّهاد وأئمة النَّاس في الورع وحفظ ألسنتهم عن المحرم.
    ونحن نجد التَّناقض اليوم في أحوالنا، تناقض عظيم، تجد شخص من أقوى النَّاس فيالرَّد على المخالف وإذا نظرت إليه تجده مقصر في الواجبات، هذا تناقض ويخشى والله على من هذه حاله أن يُخذل وأن يختم له بسوء.
    ينبغي أن يعرف العبد موقعه وما الذي يحسن، هذا بعد أن يحقِّق الواجبات، ثم بعد ذلك يأتي على ما يحسن من الأعمال التي تنتفع بها الأمة، فالأمة لا يمكن أن تشتغل بعمل واحد، لا يمكن للأمة أن تشتغل بالدعوة وتترك الأمورالأخرى، ولا يمكن للأمة أن تشتغل بالطب أو الهندسة وتترك الأمور الأخرى، ولا يمكن للأمة أن تشتغل بالجهاد وتترك الأمور الأخرى، ولهذا لما جاء النَّبيَّ -صلَّى الله عليهوسلَّم- من جاءه وسأله: يا رسول الله دلَّني على أفضل الأعمال، فقال لبعضهم: الصَّلاة في أولوقتها، وقال لآخر: الجهاد في سبيل الله، وقال لآخر: برُّ الوالدين، قال العلماء: أجاب الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- كل رجل بما يحسن وبما يجب عليه؛ ولهذا لما جاءه الغلام قال: يا رسول الله ائذن لي في الجهاد، قال له الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- ((أحيٌّ والداك؟)) قال: نعم، قال: ((ففيهما فجاهد)) فانظروا إلى هذا الجهاد وما فيه من الخير والفضل،والرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- أحرص الأمة على الأمة، لو كان يعلم أنَّ في جهاد هذا الغلام الذي جاءه خير له هل يصرفه الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- عن عمل فاضل إلى عمل أقل منه؟!
    لا يمكن، لكن هناك واجبات، ليس من دين الله -عزَّ وجل- أن أصلح النَّاس وأنا مقصروأن أشتغل بدعوة النَّاس وأهلي في حاجة لهذه الدعوة، وأن أتوسَّع في النَّوافل في باب العلم والعمل وأنا لم أحقِّق الواجبات.
    إذاً نحن حقيقة يحتاج لنا أن نقف وقفة صدق مع أنفسنا و نحقِّق عبادة الله -عزَّ وجل- بما شرع النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وهذا الكلام كله يدخل تحت باب ﴿فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا العمل الصَّالح هو ما جاء به النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- ورسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان مثالاً يمشي على الأرض لدين الله -عزَّ وجل-وقد قالت عائشة -رضي الله عنها- عندما سُئلت عن خلق الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- قالت:"كان خلقه القرآن"، ومن تأمَّل سيرة النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وقارن بين حالنا وحال النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- علم والله تفريطنا؛ فالرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان أقوىالنَّاس وأقوى الأمة وأخشاها لله -عزَّ وجل- في دين الله -عزَّ وجل-، ومع هذا كان أحسن النَّاس خلقاً، ونحن اليوم إذا استقام الشَّاب كان من أشد النَّاس على غيره: شدَّة في الكلام وغلظة وتنفير للنَّاس، هل هذا كان من هدي النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-؟ يأخذون طرفًا من الدَّعوة وهو الهجر ويغفلون جانب آخر وهو التَّأليف؟ كثير من النَّاس اليوم في دعوة المخالف لا يعرف في دعوتهم إلا هذا المنهج وهو الهجر والشِّدة والغلظة، والنَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- كما يقول شيخ الإسلام كان يهجر أقواماً ويتألَّف آخرين، وليس هناك منهج ثابت في عصر أولشخص أو لمدعو أن يلتزم منهج الهجر أو التأليف، وإنما هذا يختلف باختلاف النَّاس؛ فإن النَّاس يختلفون، منهم من ينفع معه الهجر ومنهم من يصلحه التَّأليف، والمقصود هو الرُّجوع بهذا المخالف لدين الله -عزَّ وجل-، ليس المقصود هجره ولا المقصود تألُّفه، ما الهجر ولا التَّأليف إلا وسيلة للرجوع بهذا المخالف للسنة، إذا رأينا رجل يغلب عليه الرِّياسة والفضل وحوله أتباع فهذا ليس من الحكمة أن نهجره؛ لأنه لا بهجره المقصود الشَّرعي الذي بيَّنه الله -عزَّ وجل- في هجر النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- لكعب بن مالك وصاحبيه وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فهذا لا يحصل؛ لأنَّ هذا حوله أنصار وأتباع، فالذي يجدي مع مثل هذا التَّأليف.
    فالمقصود أنه ليس هناك منهج ثابت، ثم إنَّ النَّاس يتفاوتون فهناك من النَّاس من لا يستطيع أن يحقِّق الـتَّأليف هو في نفسه لعجزه، وهناك من النَّاس من لا يستطيع أنيحقِّق الهجر لضعف في نفسه، وخير النَّاس من كان على هدي النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، يعامل النَّاس بما كان النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- يعامل به من يدعوه، فيهجر أحياناً ويتألف أحياناً، ويشتد أحياناً ويلين أحياناً، وهذا كله يسير فيه العبد بفقه، بفقه أولاً بالمسائل المخالف فيها، وفقه بحال المدعو، وفقه بالعصر الذي يعيش؛ فيه فليس من الحكمة أن تهجر شخصًا في مجتمع يكثر فيه أهل البدع، فتهجره وتتركه لألف مبتدع يتلقَّفه ويغويه،وإنما يكون الهجر إذا وجد العصر الذي كان في عصر النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، عزَّة الإسلام، وكما كان في بعض العصور المتقدِّمة عندما هجر سلف الأمة من هجروا فأثَّر هذا الهجر، أما في هذه العصور فأقرب النَّاس إليك ابنك لو هجرته وجدت من يؤويه ويفسده عليك،أنا لا أقول بإهمال هذا الجانب لكنَّ المقصود أن نقف عند كثير من الأعمال ومن الوسائل التي نستخدمها في الدَّعوة وغيرها وقفة نميز بين الأمور، وننظر في هدي النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- فالنَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان يخاطب بعض الكفار: يخاطب هرقل يقول: إلى هرقل عظيم الرُّوم، ويكنِّي عبد الله بن أبيٍّ يقول: أبو الحبَّار وهو زعيم المنافقين، في حين أنَّه كان يهجر كعب بن مالك، هجر عمار بن ياسر، هجر زوجاته شهراً، فليس المقصود بالهجر بقرب الشَّخص وبعده عن الدِّين، بل إنَّه قد يهجر الرَّجل الفاضل الذي يعرف مكانة الشَّخص في الدِّين.
    ثم إن الهجر يختلف باختلاف من يحقِّق هذا الهجر،وهناك أئمة كبار، لو هجر إمام من الأئمة الكبار رجل من النَّاس فإنه يؤثر فيه الهجر، وقد لا يؤثر إذا كان من شخص عامي من عوام النَّاس؛ لأنه إذا هجره لا يحقِّق شيئًا، وإنما إذا هجر الإمام الأعظم وهجر العالم الكبير أو إمام المسجد، أو هجر الرَّجل ابنه أو زوجته فإن هذا يؤثِّر، أما أن تهجر رجلاً من النَّاس لا تعرفه ولا يعرفك وتقول: أنا أقسم ألاَّ أكلِّمك، كما يحصل من بعض الشَّباب هذا ليس من الدِّين، إذا هجرته لن يؤثِّر فيه، وهجره ليس مقصود إنما هو وسيلة للرجوع به .
    إذاً هذا ما يتعلَّق بالدَّعوة لدين الله -عزَّ وجل- والتَّدرج في عبادة الله -عزَّ وجل-. الجانب الآخر -وهذا أيضاً قد يتصل بالموضوع- التَّعامل مع المخالفين، يعني التَّعامل مع الخلق، الله -عزَّ وجل- ما تعبدنا والله بأذية أحد من الخلق لا بقول ولابفعل، وإنما أمر الله -عزَّ وجل- بالإحسان للخلق والرَّحمة بهم، ومن رحمة الله -عزَّ وجل- بخلقه أن شرَّع لأنبيائه وشرَّع لأهل العلم دعوة النَّاس إلى دين الله -عزَّ وجل- إذاً أصل الدعوة رحمة، ينبغي أن نعرف أيها الإخوة أنَّ أصل الدَّعوة لدين الله -عزَّ وجل- رحمة ليست عقوبة ننزلها بالمخالفين، فالإنسان يدعو أحبَّ النَّاس إليه، ونحن اليوم عندما ندعو المخالفين ونغض الطَّرف عن أخطائنا يعني ما ندري ما نسمي هذا الأمر! هل الدَّعوة والرَّد على المخالف هي عقوبة ننزلها بالنَّاس؟! هي رحمة والله، وإن من أعظم البرِّ أن تناصح الشَّخص، ونحن نغفل عن هذا الجانب، وأنت إذا نصحت أخًا لك في المنهج وفي العقيدة ظنَّ النَّاس أنك عدو لهذا المنهج ولهذه العقيدة، وأنَّ من سمات هذا المنهج الشِّدة على المخالفين، وأن نغضَّ الطَّرف عن أخطائنا.
    رضوان البريكي
    رضوان البريكي
    عضو مبدع
     عضو   مبدع


    ذكر
    نقاط اتميز : 177149
    عدد المشاركات : 406
    تاريخ التسجيل : 22/07/2009

    لعب الادوار
    هووكس:

    العمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي Empty رد: العمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي

    مُساهمة من طرف رضوان البريكي الأربعاء 11 نوفمبر 2009, 14:23

    فإذاً المقصود أن الله -عزَّ وجل- تعبدنا برحمة الخلق وسلامة الصَّدر لهم كما كان النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- حريصًا على هداية الخلق، هذا الحرص أيها الإخوة يتمثَّل في سيرة النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- في دعوته الخلق والصَّبر عليهم وتحمل المشاق وفي دعائه لهم، حتى إنَّه عندما نُهي عن الصَّلاة على المنافقين وأنزل الله -عزَّوجل- ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ﴾[التوبة:80] ماذا قال الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: ((والله لأزيدنَّ على السبعين)) سبحان الله! هذا الحرص في من؟ في عبد الله بن أبيٍّ وأمثاله الذين كانوا يؤذون النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- فهل نحقِّق نحن هذا الحرص في هداية الخلق أم أننا نفرح بأخطاء المخالفين ونطير بها؟ إنَّ من يفرح بأخطاء المخالفين والله يخشى عليه، بل إنَّه فعلاً هو ممن يحبون أن تشيع الفاحشة في المؤمنين، نحن والله لا نفرح بالشِّرك عندما يصدر من اليهود والنَّصارى، بل إننا نحزن وننظر للخلق كلهم نظرة شفقة ونسأل الله -عزَّ وجل- أن يُدخل من أراد الله -عزَّ وجل- أن يدخله في رحمته فكيف بالمسلمين المخالفين لنا وإن كانوا من أهل البدع، شدة السلف على أهل البدع وكلامهم فيهم هذا كله...[1] أهل البدع، لكن هذا لا يعني أن نترك أهل البدع في معزل، وأن نظنَّ أنهم من أعدى أعداء دين الله –عزَّ وجل-، هم مسلمون يتعبَّدون الله –عزَّ وجل-، الله –عزَّ وجل-يتولَّى السَّرائر لكن عامتهم يتعبَّدون الله –عزَّ وجل- لكنهم يخطئون في دين الله –عزَّ وجل-، فكثير من أهل البدع ما حملهم على ماحملهم عليه من البدع إلاَّ التَّقرُّب إلى الله –عزَّ وجل-؛ ولذا قال علي بن أبي طالب-رضي الله عنه- عندما قيل له عن الخوارج، قيل له: هل تكفَّرهم؟-وهم الذين قال النَّبيُّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيهم: ((يمرقون من الدِّين مروق السَّهم من الرَّمية))- قيل له: هل تكفَّرهم؟ قال: لا، فقيل له: فما تقول فيهم؟ قيل له: هل هم منافقون؟ قال:لا، إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً، وهؤلاء يذكرون الله، قالوا: فما هم؟ فأخبر عليٌّ –رضي الله عنه- قال: "إنهم منَّا"، وقال: "من الكفر فرُّوا"
    علي –رضي الله عنه- الذي يقاتلهم وهم أشدُّ النَّاس عداءً لعلي –رضي الله عنه-، يكفِّرونه، ينصف معهم يقول: "من الكفر فرُّوا"، ولم يكفِّرهم-رضي الله عنه-.
    وذكر شيخ الإسلام أنَّ عامة أصحاب النَّبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يكفِّروا الخوارج،
    فعامة المبتدعة ينبغي أن نشفق عليهم وأن نرحمهم، ومن رحمتنا بهم أن ندعوهم لدين الله –عزَّ وجل-،وأن نتلطَّف بهم ونحسن إليهم، واعلموا أيها الإخوة أنَّه والله ما يتقرَّب أحد إلى الله –عزَّ وجل- بعد توحيد الله –عزَّ وجل- بأفضل ما يتقرَّب إليه بسلامة الصَّدر للمسلمين، سلامة الصَّدر للمسلمين، والعفو عنهم، الحرص على هدايتهم، الدُّعاء لهم، التَّقرب إلى الله –عزَّ وجل- أن يهديهم لدين الله –عزَّ وجل-، لا يفرح بأخطائهم، لا ينشر أخطاءهم في الأمة، هذا هو دين الله –عزَّ وجل- الذي تعبَّدنا به،

    ولهذا التَّعامل مع المخالفين ينقسم إلى قسمين:
    1- تعامل في الظَّاهر.
    2- وتعامل في الباطن.
    والتَّعامل في الباطن هو سلامة الصَّدر للمسلمين، وهو من أعظم الأعمال التي كان عليها سلف الأمة وأصحاب النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، الحرص على هداية الخلق، حب الخير للنَّاس، ولذا قال النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عندما قال في الرَّجل، قال لأصحابه: ((يدخل عليكم رجل من أهل الجنة))، فذهب بعض أصحاب النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فراقب هذا الرَّجل وبات عنده ثلاثًا يرقُب عمله، ثم لم يرى عنده كبير عمل،فقال له وقد جاءه بعذر، قال له أنَّه كان بيني وبين أبي شيء فأتيت عندك أريد أن أبيت عندك، ثم قال له: والله ما كان بيني وبين أبي شيء، لكن الرَّسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال ما قال ودخلت أنت، قال: ((يدخل عليكم رجل من أهل الجنة)) فدخلتَ أنت ثلاثًا، وما رأيتك على كبير عمل-أو كما قال-، فقال له: هو ما رأيت. ثم لما أراد أن ينصرف قال له: أنا لا أذكر شيئًا إلا أنِّي لا أبيت ليلة وفي قلبي غلٌّ على مسلم، أو ضغينة. يقول: فعرفتُ أنَّه ما بلغ به ما بلغ إلاَّ سلامة الصَّدر للمسلمين.
    فهذا عمل باطني لا يعلمه إلا الله عز وجل.
    رضوان البريكي
    رضوان البريكي
    عضو مبدع
     عضو   مبدع


    ذكر
    نقاط اتميز : 177149
    عدد المشاركات : 406
    تاريخ التسجيل : 22/07/2009

    لعب الادوار
    هووكس:

    العمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي Empty رد: العمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي

    مُساهمة من طرف رضوان البريكي الأربعاء 11 نوفمبر 2009, 14:24

    ومن أراد أن يجاهد نفسه يتطلب أمور:
    1- إحسان الظَّن بالمسلمين.

    2- أن يجاهد الإنسان نفسه، دائمًا يدعو للمسلمين بالسر، حكامًا ومحكومين، حتى وإن كانوا من أهل البدع، ومن أشدِّ النَّاس في البدع، لأن الدُّعاء لهم – ماداموا مسلمين- يجوز، بل إنَّ الدُّعاء بالهداية يجوز للمسلم والكافر، ولذا قال النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- العمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي Icon_sad(اللهم اهدِ دوسًا)) بالهداية يجوز، فما الذي يصرف المسلمين اليوم عن الدُّعاء للمخالفين لهموإن كانوا من أهل البدع؟ وإن كان يرى كفرهم أن يدعو لهم بالهداية؟
    فإن هذا من أعظم ما يُتقرَّب به إلى الله –عزَّ وجل-.

    ثم الجانب الآخر وهو الأعمال الظاهرة في التَّعامل مع المخالفين هو: مخالطتهم والرِّفق بهم، وحسن الخلق، وهذا باب عظيم أيضًا، ولذا يقول النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- العمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي Icon_sad(إنَّ المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصَّائم القائم)) لما في حسن الخلق والبشاشة في وجوه المسلمين والرِّفق بهم من الأثر العظيم في الدَّعوة إلى الله –عزَّ وجل- وجمع النَّاس على الكلمة، ولو استقمنا على دين الله –عزَّ وجل- لكنَّا دعاة بأعمالنا قبل أن نكون دعاة بألسنتنا، النَّاس تشبَّعوا اليوم من الكلام والمحاضرات والخطب، يريدون عمل، إذا رأوا شخصًا مستقيمًا على طاعة الله رقيقًا بالمسلمين يحسن الظنَّ بهم يدعو لهم أحسنوا الظنَّ به وقبلوا منه، وهذا الذي نستفيده اليوم، ونحن عندنا أمثلة من علمائنا الذين حصل لهم ما حصل من الخير والفضل، إنما بلغوا ما بلغوا في الأمة بهذه الأمور، فمن أراد أن يكون خلفًا لهؤلاء العلماء، أن يكون إمامًا في الخير أن يسلك هذا الطَّريق، يُحقِّق هذه المقاصد العظيمة: سلامة الصَّدر للمسلمين، حسن الخلق. هذا هو الأصل، الهجر أمر طارئ، قد يحصل أحيانًا لكن الأصل هو البشاشة، العفو عن المسلمين، حسن الظنِّ بهم.
    الرَّسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُوذي في دين الله –عزَّ وجل- لم يؤذَ في نفسه، وعفا عن قريش وقال: ((اذهبوا فأنتم الطُّلقاء))، أئمة أهل السنة: الإمام أحمد عُذِّب في أي شيء؟ عذِّب في أعظم مسألة وهي القول بخلق القرآن الذي هو كفر، لا يشك أحدٌ من سلف الأمة على أنَّ من قال بخلق القرآن أنَّه كافر، لكنه لم يُكفِّر المأمون لأنَّه لم تقم عليه الحجة، وكان عنده من الشُّبه التي تمنع من الحكم عليه بالكفر، عندما حصل له ما حصل من العذاب والسجن و.....[1]، وما حصل من تأليب العلماء عفا عنه وقال: أعفو عنهم لقرابتهم من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
    وشيخ الإسلام ابن تيمية وهو من هو حصل له ما حصل من الأذية، وأغرى العلماء به - علماء السُّوء من أهل البدع- الحُكَّام، حتى لما نصره الله عليه نصرًا مؤزَّرًا طلب منه بعض الحُكَّام أن يُصدر فتوى بقتل هؤلاء فأبى وقال: إن قتلتموهم فمن يبقى للنَّاس؟ وهم من أهل البدع! انظروا إلى هذا الفقه أيها الإخوة، انظروا في سيرة السَّلف، سيرة النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونسير على خطى ثابتة.
    ونعلم أنَّ النَّاس اليوم، ليس كل-والله- من أراد الخير يُوفق إليه، النَّاس يتفاوتون في العلم والعمل، وهذه أمور نحن لا نأتي بشيء، هذه سنة النَّبي ِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، هذا كتاب الله –عزَّ وجل-، انظروا تفقهوا في دين الله –عزَّ وجل-، ثم بعد ذلك يسير المسلم على خطى ثابتة، ولا نتعجل الأمور، نٌقول: أنا متى أدعو؟ أنت إذا سرت بنية صالحة، أولاً حقَّقت في نفسك العلم الصالَّح والعلم الشَّرعي الذي تحصل به النَّجاة وأردت أن تبلغ ما بلغ الدُّعاة...[1] اخترمك الموت قبل ذلك.
    المؤمن على نيته الصَّالحة، أما التَّخبط في باب العلم أو في باب العمل والتَّفريط في هذه الأمور فهذا هو سبب- والعياذ بالله- الانتكاسة والارتداد، كما حصل لكثير ممن تسمعون –والعياذ بالله – شخص يقيم سنين طويلة على طاعة الله ثم ينتكس، هذا كله...[2]، وإلا والله –عز وجل- لا يخذل العبد، ووعده صدق" من تقرَّب إلي شبرًا" " لا يزال العبد يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به" فإذا خُذل العبد فليعلم أنه مخذول بفعله، أما الله –عزَّ وجل- فإنه لا يخذل عبدًا تقرَّب إليه،
    يقول الله- عزَّ وجل-:" من تقرَّب إلي شبرًا تقرَّبت إليه ذراعًا" فالله –عزَّ وجل- أسرع تقرُّبًا للعبد، يفرح بتوبة عبده وهو غني عنه، فالله –عزَّ وجل- غني عن الخلق، والله لو أنَّ الخلق كلهم كما جاء في الحديث: ((لو أنَّ أولكم وآخركم و إنسكم وجنَّكم كانوا على اتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، ولو أنَّ أولكم وآخركم و إنسكم وجنَّكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص من ملكي شيئًا)) ومع هذا يفرح بتوبة التَّائبين، ونحن المساكين الذين يغرُّنا- والله- أن نفرح بمعصية المخالفين وبانحرافهم أولى أن نفرح بطاعته، وأولى أن نحزن بمخالفته؛ لأنَّ فرحنا بمعصية الله ممن صدرت هذا من محبة إشاعة الفاحشة والمعاصي والبدع في الأمة، ينبغي لنا أن نحزن عندما نسمع مخالفة، وأن نستر هذه المخالفة ما استطعنا، لأنه ليس من دين الله –عزًّ وجل- أن تنشر أخطاء الناس، مهما كانت، فإذا أخطأ رجل في بلد من البلاد ليس من الدَّعوة أن تنشر خطأه في الأمة، فإنَّ رجوعه قبل أن ينتشر خطؤه في الأمة أقرب إليه بعد أن ينتشر، والنُّفوس مجبولة على أمور يعلمها الله –عزَّ وجل-؛ ولذا جاء التَّشريع موافقًا لهذا الأمر، فينبغي للمسلم أن يستر على أخيه، وهذا له أثر عظيم في رجوعه قبل أن ينتشر خطؤه، أما إذا انتشر الخطأ فيكون الرُّجوع صعب، وقد يكابر وقد يجادل.
    فينبغي أولاً أن نحقَّق ما أراد الله –عزَّ وجل- منَّا من الحكمة العظيمة التي خُلقنا من أجلها، ثم بعد ذلك نسير على وفق ما أراد الله –عزَّ وجل-متجرِّدين في باب العلم والعمل في طاعة الله –عزَّ وجل-، مستحضرين دائمًا الإخلاص والمتابعة للنبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، نستعين قبل ذلك وبعده بالله –عز َّ وجل-، ونتضرع إلى الله –عزَّ وجل- أن يوفقنا لأحسن الأعمال وأحسن الأقوال، وأن يرزقنا الإخلاص، فإنَّ النَّبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- علَّم معاذ الذي قال لهالعمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي Icon_sad(إنِّي أحبك))قال له: ((يا معاذ لا تدعن أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)) فنحن أولى النَّاس نسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يهدينا لأحسن الأعمال وأحسن الأقوال؛ فمن تضرع لله –عزَّ وجل- بالدُّعاء والإخلاص، وتعلَّم وتفقَّه في دين الله –عزَّ وجل- فإن الله –عزَّ وجل- سيبلغه –إن شاء الله-النَّجاة، لأنه هو مقصدنا، مقصد الإنسان أولاً النَّجاة لنفسه، فإذا تحقَّق عنده أو غلب على ظنه ذلك فإنه يتجرَّد في هداية الخلق.

    هذا وأسأل الله العلي العظيم أن يهدينا وإياكم لأحسن الأعمال والأقوال وأن يرزقنا وإياكم الإخلاص في كل ما نقول وفي كل أفعالنا؛ إنَّه سميع مجيب وبالإجابة قدير، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد.
    عاشقة بلادي
    عاشقة بلادي
    •¦[•مشرفة منتديات الاسرة العربية•]¦•
    •¦[•مشرفة منتديات الاسرة العربية•]¦•


    انثى
    نقاط اتميز : 159257
    عدد المشاركات : 1815
    العمر : 29
    الموقع : بريكة هووكس
    تاريخ التسجيل : 05/08/2009

    لعب الادوار
    هووكس:

    العمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي Empty رد: العمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي

    مُساهمة من طرف عاشقة بلادي الأربعاء 11 نوفمبر 2009, 14:41

    كلمات رائعة اخي جزاك الله خيرا وجزانا الله الجنة
    رضوان البريكي
    رضوان البريكي
    عضو مبدع
     عضو   مبدع


    ذكر
    نقاط اتميز : 177149
    عدد المشاركات : 406
    تاريخ التسجيل : 22/07/2009

    لعب الادوار
    هووكس:

    العمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي Empty رد: العمل لليوم الآخر للشيخ إبراهيم الرحيلي

    مُساهمة من طرف رضوان البريكي الأربعاء 11 نوفمبر 2009, 15:01

    أمين شكرا أختي الفاضلة

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت 11 مايو 2024, 20:02